الإعلام المريض (القومي سابقا ً)


الإعلام المريض (القومي سابقا ً) على الرغم من ظهور الجرائد المستقلة والقنوات الفضائية الخاصة والتي عبرت عن هموم المواطن المصري الحقيقية , بعيدا ً عن نظرية الصورة الوردية التي أدمن الإعلام القومي تبنيها طوال السنوات الماضية والتي أفقدته المصداقية , وجعلت المشاهدين والقارئين يتحولون للإعلام المستقل ولعل أرقام توزيع الصحف ونسب مشاهدة القنوات أكبر دليل على ذلك .
إلا أن الإعلام القومي ظل على نفس سياسته دون تغيير برغم فشله في منافسة نظيره المستقل , وبالرغم من أن هذه المؤسسات الإعلامية القومية من المفترض أنها ملكية عامة للمصريين جميعا ً وليست ملكا ً لرئيس الجمهورية والحزب الوطني وحكومته , إلا أن بعض المؤسسات القومية بدلا ً من تعديل مسارها الفاشل أصبحت أكثر تشددا ً لصالح النظام ورجاله حتى أنها تهاجم وبشدة كل من تسول له نفسه توجيه طلب مسائلة أو محاسبة لرجال أعمال الحزب الوطني أو أعضاء البرلمان من حزب الأغلبية , فتجد صحيفة بعينها تتصدى للدفاع عن أولياء نعمتهم بضراوة واستماتة .
والسبب ببساطة أن هذه الجرائد اليومية والتي تشكك طوال الوقت في مصادر تمويل الصحف المستقلة بينما مصادر تمويلها أكثر شبهة لما فيها من شقين أولهما الدعم المباشر من مجلس الشورى (ماما) وهو في الحقيقة من قوت الشعب الذي تضلله تلك الصحف , وثانيهما من رجال الأعمال في الحزب الوطني (بابا) الذين يسعوا للشهرة ويستغلون المؤسسات القومية في الدفاع عن مصالحهم الشخصية وتنمية ثرواتهم على حساب الشعب المقهور .
وكنموذج حي تظهر أرقام التوزيع لصحيفة يومية ومجلتها الأسبوعية كخير شاهد ودليل على فشلها وخسارتها التي تحققها ميزانية المؤسسة كل عام نتيجة توزيع حوالي ألف نسخة فقط معظمهم من الاشتراكات الإجبارية لبعض الهيئات الحكومية , كمؤشر هام ونتيجة طبيعية للسياسة التحريرية التي سخرت إمكانات المؤسسة العريقة لخدمة السلطان وحاشيته والهجوم على كل الرموز الفكرية والثقافية والصحفية وحتى الرموز الدينية لمجرد أنها تعارض توجهات أمانة السياسات التي يترأسها نجل الرئيس صاحب الفضل الأول على رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف الموجهة , بالإضافة لتحصينهم بالتعيين في مجلس الشورى .
وأصبح الشعب صاحب المصلحة الأصيلة في الجرائد القومية ليس لرأيه أو مشاعره اعتبار أو احترام أمام الدفاع عن ممدوح إسماعيل الذي قتل بإهماله أكثر من ألف مصري في عبارة السلام المشئومة , وهشام طلعت مصطفى الذي أساء لسمعة الوطن بتصرفاته غير المسئولة
وغيرهم الكثير من أصحاب أكياس الدم الفاسدة ومحتكري الحديد ومستوردي القمح الفاسد علاوة على مافيا الاستيلاء على أراضي الدولة .
وتفرغ الإعلام المريض (القومي سابقا ً) لشن حملات تصفية ضد معارضي النظام غير مبالين حتى بالقضايا الوطنية مثل صفقة تصدير الغاز لإسرائيل والتي وجدوا لها على صفحاتهم مبررات واهية أبكت القراء أكثر ما أضحكتهم لسذاجتها المفرطة , وحتى لم يحركوا ساكنا ً تجاه أزمة الصيادين الغلابة المخطوفين في الصومال أو مساندة أهاليهم أو حملة تبرعات لجمع الفدية .
وآن الأوان أن يعرف القائمين على تلك الصحف والمجلات أن مرتباتهم من جيوب المصريين الكادحين , وأنهم لا يتمتعون بشعبية أو رصيد لدى الناس , ولا يمثلون قيمة ثقافية أو حضارية تذكر , فهم محسوبين على النظام ووجودهم مرتبط بوجوده ومآلهم إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم .