رسالة إلي حرم الزعيم


السيدة الفاضلة جيهان السادات‮..‬ بمناسبة صدور كتابك‮ »‬أملي‮ ‬في‮ ‬السلام‮« ‬مواكباً‮ ‬لذكري تحرير سيناء،‮ ‬يوم احتفال مصر باستعادة جزء عزيز من أرضها وبحصاد دبلوماسية السلام‮.. ‬اليوم الذي‮ ‬سيظل رمزاً‮ ‬لانتصار أمة وشاهداً‮ ‬علي‮ ‬أن زعيمها كان قائداً‮ ‬عظيماً‮ ‬في‮ ‬السلام كما في‮ ‬الحرب ولم‮ ‬يبخل بحياته فداء لها‮.‬
سيدتي‮ ‬أنت أول من‮ ‬يعلم أن لا شيء مهما كان حجمه ومبلغ‮ ‬شأنه ـ‮ ‬يقام لتخليد ذكراه ـ ممكن أن‮ ‬يضيف لتاريخه الوطني‮ ‬الطويل والذي‮ ‬امتد بقرار الحرب والنصر ثم السلام،‮ ‬فلا تمثال ولا متحف أو فيلم‮ ‬يحدث فارقاً،‮ ‬ولو أنه واجب علي كل مؤسسات الدولة أن تشجع من جانبها القيام بمثل هذه الأعمال كعرف سائد في‮ ‬جميع دول العالم تعبر عن نفسها بشيء من الوفاء وأيضاً‮ ‬للأجيال الشابة لمعرفة تاريخهم بانتصاراته وانكساراته،‮ ‬لذا فالواجب علينا جميعاً‮ ‬متطوعين أن نقوم بالمشاركة بمشروعات خيرية وتنموية كان‮ ‬يتمني‮ ‬أن‮ ‬يحققها في‮ ‬حياته ـ وقد حقق بعضها ـ إلا أن القدر لم‮ ‬يمهله لاستكمالها‮.
أنا أناديك كغيري‮ ‬من الغيورين علي مستقبل أمتنا المصرية أن تعيدي‮ ‬نشاطك الاجتماعي‮ ‬والأهلي،‮ ‬فقد كنت من رواد هذا المجال منذ نكسة‮ ‬67‮ ‬وكنت صاحبة السبق والريادة للدور الاجتماعي‮ ‬لحرم رئيس الجمهورية،‮ ‬فمن المؤكد أنه لم‮ ‬يغب عن ذاكرتك بأنه أطلق عليك خلال تلك الفترة‮ »‬أم الأبطال‮« ‬لما كان لك من مواقف عدة مع الجنود وقت الحرب ومع الجرحي والمصابين خلالها وبعدها‮.‬ إن مصر في‮ ‬أشد الاحتياج لكل من‮ ‬يمد لها‮ ‬يد العون في‮ ‬الأزمات والكوارث التي‮ ‬تمر بها وأنت قادرة بمشيئة الله تعالي‮ ‬أن ترتفعي‮ ‬بالبناء الذي‮ ‬كنت قد أرسيت قواعده‮ ‬يعينك علي‮ ‬ذلك ما تمثلينه بشخصك وتاريخك من ثقل واحترام دولي‮.‬ إنني‮ ‬أدعوك كمواطنة مصرية لتواصلي‮ ‬المشوار الذي‮ ‬بدأته برفقة الزعيم الراحل واسمحي‮ ‬لي‮ ‬أن أضع بين‮ ‬يديك تصوراً‮ ‬لبعض المشروعات لتحقيقها من أجل التواصل مع جهودك السابقة‮.‬ أولاً‮: ‬مشروع منحة السادات العلمية‮: ‬سيدتي‮.. ‬تعلمين‮ ‬يقيناً‮ ‬أن العلم هو قاطرة التنمية والتي‮ ‬نعمل عليها منذ أكتوبر‮ ‬73‮ ‬ورفعنا الشعار الذي‮ ‬نادي بدولة‮ »‬العلم والإيمان‮«‬،‮ ‬لذا فإنني‮ ‬أناشدك في‮ ‬هذه الذكري العطرة أن تتبني‮ ‬مشروع خلق فرص لأبناء مصر من الشباب المتميز للالتحاق بشبكة دولية للدراسة الجامعية أو الدراسات العليا،‮ ‬كمنح في‮ ‬شتي‮ ‬المجالات التي‮ ‬تحتاجها مصر‮ (‬تكنولوجيا ـ طاقة ـ تنمية ـ سلام‮) ‬ليتسلحوا بالعلم الذي‮ ‬هو المخرج الوحيد لما نحن فيه من أزمات‮. ‬وأعتقد ـ بل ومن المؤكد ـ أنك تملكين كل المقومات اللازمة لدعم هذا المشروع حيث تربطك صلات جيدة بالجامعات حول العالم‮.‬ ثانياً‮: ‬مشروع صندوق السادات للعلاج‮ (‬بنك الدواء‮): ‬سيدتي‮ ‬لطالما كنت الأم العطوف للمصريين،‮ ‬حيث أرسيت المهام الاجتماعية للسيدة الأولي‮.. ‬الشعب المصري‮ ‬الآن‮ ‬يعاني‮ ‬من ندرة العلاج وغلو ثمنه،‮ ‬وهنا‮ ‬يجب أن‮ ‬يأتي‮ ‬دور المجتمع الأهلي‮ ‬والخدمات الاجتماعية من المؤسسات المدنية لملء هذه الفجوة،‮ ‬أتمني‮ ‬أن تتبني‮ ‬فكرة إنشاء‮ »‬بنك الدواء‮« ‬من أجل توفير الأدوية المجانية للمحتاجين وخاصة الباهظة الثمن والتي‮ ‬يمكن جمعها عن طريق التبرعات محلياً‮ ‬ودولياً‮.‬ ثالثاً‮: ‬مشروع تطويع معاش السادات‮: ‬مازال الملايين‮ ‬يذكرون الزعيم الراحل بكل الخير شهرياً‮ ‬من خلال معاش السادات،‮ ‬ولكن مع ظاهرة الغلاء التي‮ ‬تتزايد بضراوة‮ ‬يوماً‮ ‬بعد‮ ‬يوم،‮ ‬فقد حان الوقت لتضمي‮ ‬صوتك لهؤلاء وتتبني‮ ‬الدعوة لزيادة المعاش الذي‮ ‬لم تتجاوز قيمته حتي‮ ‬الآن‮ ‬100‮ ‬جنيه للأسرة،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬تسهيل قبول وإدراج الأسر المحتاجة للمشروع،‮ ‬وأعتقد أن ذلك‮ ‬يتماشي‮ ‬مع سياسة الدولة والحزب الوطني‮ ‬من تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر‮.‬ إن الكادحين بطول البلاد وعرضها‮..
من دلتا الوادي‮ ‬الطيب إلي‮ ‬صعيد مصر المعطاء،‮ ‬ينتظرون أن تعينيهم علي‮ ‬مقاومة مثلث الرعب الشرس من جهل ومرض وفقر،‮ ‬وقد عاصرت ذلك علي‮ ‬أرض الواقع وعايشت الرجل الذي‮ ‬كان‮ ‬يفتخر بأنه من نفس تراب هذه الأرض،‮ ‬وقد عانيت وكافحت معه طوال حياته وتفاعلتم مع هموم السواد الأعظم من الشعب المصري‮ ‬حتي‮ ‬وإن اختلف معه الكثيرون،‮ ‬ففي‮ ‬النهاية لا‮ ‬يصح إلا الصحيح وإني‮ ‬علي ثقة بقدرتك للقيام بتلك المبادرات لرفع المعاناة عن كاهل الملايين من المصريين ـ الأمر بين‮ ‬يديك وأعلم ما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يمثله من حساسية وحرج لكثيرين ـ‮ ‬يقيني‮ ‬بالله أنك ستستجيبين،‮ ‬لأن في‮ ‬هذا الشأن التكريم الأكبر والأعظم لذكري‮ ‬الرجل الذي‮ ‬أحب الناس فأحبوه وما توفيقك وتوفيق المخلصين للوطن إلا بالله‮.‬