خارطة الطريق


لا تزال مخلفات النظام السابق تسيطر على عقول الكثيرين من أبناء هذا الوطن ، لتعود بنا إلى الوراء بعد أن إقتربت مصر من مسارها الصحيح ، ووضعت أقدامها على أولى درجات سلم النهضة والتطوير.
يلزمنا بصدق ،، خارطة طريق من أجل حماية مصر لا من الأخطار الخارجية فحسب ، إنما من الأخطار الداخلية أيضاً ، والتى عانينا منها كثيراً ولا نزال ، من تشكيك وتخوين وإنعدام ثقة وتبادل إتهامات تجاوزت حدودها ووصلت إلى علماؤنا ومثقفينا ومشايخنا من رموزنا الإسلامية والمسيحية.
هؤلاء الأجلاء إبتدائاً من شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية ورأس الكنيسة يمثلون نبراساً يضئ حياة كل البشر ، وإحترامهم وتبجيلهم واجب على كل مصرى ، وهم أولاً وأخيراً بشر يصيبون ويخطئون ولهم آرائهم وتوجهاتهم الشخصية إتفقنا أو إختلفنا معهم ، لكن فى المقابل لا يصح بأى شكل من الأشكال أن ينسب إلى أى منهم أخطاء تشير إلى فساد فى الذمم أو سوء فى الضمائر.
إن تفاقم تلك الموجة من التشكيك والتخوين وغيرها من السلبيات، قد يعيد من جديد عقارب الساعة إلى الأيام الصعبة والمريرة التى مرت بها البلاد طيلة عقود مضت ، ويزيد التوتر والإنقسام بل وقد يطيح بالإنجازات التى حققتها الثورة على الصعيدين السياسى والإجتماعى.
يكمن الخطر فى طائفة من البشر يلهثون وراء الإغراءات المادية والمناصب الرفيعة والمصالح الشخصية ، يرون أن الغاية تبرر الوسيلة ولو على حساب أوطانهم ، ولا يعنيهم إحياء الدولة وتقوية مؤسساتها ، وعلينا الحذر.
إن التصدى لما يواجهنا من مخاطر وتحديات لن يأتى بالتخوين وتبادل الإتهامات وإنما بإسلوب الحوار المتمدن والتفاوض الحضارى وإعتماد الآليات الدستورية والديمقراطية الكفيلة بتثبيت إيقاع الحياة فى مصر، والوصول إلى حلول ترضى الجميع.
إننا بحاجة ملحة لأن نتصالح مع أنفسنا وننسى خلافاتنا ونعيد الثقة فى مشايخنا وعلماؤنا ، وننهى سريعاً تلك الموجات التى أحدثت شرخاً كبيراً فى الصف الداخلى المصرى ، وهو ما يبغيه أعدائنا المتربصين ، وعلينا أن ندرك ذلك ولا نعطيهم هدية مجانية فى هذا الظرف الصعب، إنطلاقا من قناعة وطنية راسخة بأن الوطن هو الأساس ، وعلينا أن نجنبه الإنزلاق نحو الهاوية.