عش الدبابير


التكافل الإجتماعى صورة من صور الترابط الذى يجمع بين الأفراد للوصول بالمجتمع وما به من مرافق وخدمات إلى مستوى يناسب إحتياجات مختلف الفئات ويراعى متطلباتهم, ومن هنا كان لزاماً على الجمعيات والمؤسسات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى أن يكون لها دوراً حقيقياً فى تنمية المجتمع.
فأصبحت الجمعيات والمؤسسات الأهلية تلبى العديد من إحتياجات المواطنين التى طالما تعجز عنها الحكومة بالرغم من أنها تقوم بتحصيل الضرائب لهذا الهدف ,, لكن هناك الكثير من المشكلات والصعوبات التى تعوق آداء هذه الجمعيات والمؤسسات ولا تساعد على توفير حاجات المواطنين على وجه طيب وبالقدر الذى يواكب تطور المجتمع.
ولما كان التمويل من أهم الركائز التى تعتمد عليها تلك المؤسسات لتقوم بالدور المنوط بها حيث أن قيامها بتنفيذ برامجها وأنشطتها يأتى فى نطاق ما يتوافر لديها من إمكانات مادية ,, أصبحت مشكلة التمويل وتوفير الأموال اللازمة من أهم الصعوبات التى تواجه الخدمة الإجتماعية وتفرض قيودها على الجمعيات والمؤسسات العاملة فى هذا الميدان.
كما أن ضعف التمويل الداخلى الموجه إلى الجمعيات وحالة الفقر والأزمات الإقتصادية التى يمر بها العالم ككل أدت إلى عدم وصول الدعم المالى لتلك المؤسسات لكى تتمكن من القيام بدورها المطلوب. وفى المقابل تلعب الجهات الأمنية والإدارية دوراً رئيسياً فى عرقلة أى خطوة لحصول أى من منظمات المجتمع المدنى على أى تمويل أجنبى مهما كان الغرض منه.
وكلما وجهت إنتقادات لحالة حقوق الإنسان فى مصر من جانب الولايات المتحدة أو من الإتحاد الأوروبى تعالت الأصوات منددة بالجمعيات التى تتلقى تمويلاً أجنبياً وبأنها تصور حالة سيئة للبلاد فى التقارير التى ترسلها للجهة المانحة وأن هذه الجمعيات لها صلة وثيقة بحكومات أجنبية وأنها تخدم أجندات بعينها غير عابئة بقيم أومبادئ أو ثقافة محلية.
ماذا تفعل الجمعيات الأهلية ؟ وهى لا تتلقى دعماً كافياً أو تبرعات من الداخل وفى نفس الوقت يقع عليها اللوم والسخط وتتوالى عليها أصابع الإتهام إن مدت يدها وتلقت تمويلا من الخارج لتقوم بأنشطتها فى شكل مؤسف تقبض فيه الجهة المانحة على عنق المؤسسة الممنوحة عن طريق تقسيم المنحة وليس بتقديمها دفعة واحدة.
هل ترتضى الحكومة إن قامت هذه المؤسسات بتجميد أنشطتها ؟ لا أدرى ,, إقترحت لنخرج من هذه المعضلة تعديل البند الثامن من المادة رقم 23 من القانون 91 لسنة 2005 م والخاص بقانون الضريبة على الدخل لتكون التكاليف والمصروفات واجبة الخصم على الأخص مما يأتى كتبرعات وإعانات مدفوعة للجمعيات الأهلية ودور العلم والمستشفيات العامة بما لا يتجاوز 10% من قيمة الضريبة الفعلية والتى تم حسابها فى الإقرار الضريبى وليس من الربح السنوى الصافى للممول كما ينص القانون ومن ثم لن يصبح لدى الجمعيات أدنى تفكير فى البحث عن تمويل خارجى.
أطلقت إقتراحى كرئيس مجلس إدارة أحد الجمعيات الأهلية ضمن حملة تبنيتها تحت عنوان ” زيتنا فى دقيقنا ” إشارة إلى ان تمويلنا سيكون من داخلنا دون الحاجة إلى الخارج لكن,, هذه الحملة وهذا المقترح لن يعود بالنفع لى وحدى ولكن إن حدث ذلك سيعود النفع على كل المؤسسات والمنظمات ولذلك فالأمر يحتاج إلى مساندة وتكاتف وتوحد حول هذا المطلب خصوصاً وأن هناك الكثيرمن الجمعيات والمؤسسات لا تعرف أدنى شيئ عن التمويل الخارجى وتكتفى بالقليل الذى يأتى إليها وتبقى مشروعاتها وأنشطتها دون تنفيذ. فى حين أن لدينا نماذج كثيرة من جمعيات ناجحة مثل جمعية الرعاية المتكاملة وأيضاً جمعية المستقبل وغيرهم ,, من أين تأتى مصادر تمويلها والتسهيلات والتبرعات التى لا حدود لها على المستوى الرسمى والدولى وأغلب رجال الأعمال.
كنت أعلم أن جمعيتى سوف تكون ضحية الإقتراح خصوصاً وأنه ليس على هوى المسئولين والوزرات خصوصاً وزارة المالية وبالفعل مضايقات وقيود ومحاولات متتالية من النظام لتجميد نشاط الجمعية ورفض الأمن للعديد من مشروعاتنا وإتهامنا بأننا نخدم أجندات خارجية ,,عموماً ,, قدمت إقتراحى وأدفع ثمنه وأكثر وعلى باقى المؤسسات أن تقوم بدورها وإلا ستظل أيادينا ممدودة منتظرة أن تعطف علينا الجهات الخارجية الممولة بمنحة أو بإحسان.