النائبة الدكتورة إيرين سعيد تكتب: حتى لا تتكرر مأساة 57357


في البداية تألمت كثيرا مثل غيري بسبب الازمة التي تعاني منها مستشفى ٥٧٣٥٧ للاطفال فرع طنطا ، بعد تراجع التبرعات واوشك المستشفى علي الاغلاق…لا أحد يستطيع إنكار الدور الحيوي والمهم، والإنساني، الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في واقعنا المصري،لذا لابد أن يدرك الجميع أن هذه المؤسسات شريك و مكون أساسي من مكونات الدولة المصرية،ويجب أن تلقى الدعم و الاهتمام و الرعاية، و خصوصًا في المجال الطبي
مستشفيات المجتمع المدني، كما يعرف الجميع ويلمس،هي أحد أهم أضلاع الخدمة الصحية المقدمة في مصر، و الرائدة في مجالها كمستشفي الدكتور مجدي يعقوب، و مستشفي ٥٧٣٥٧ بأفرعه، و الذي – للأسف الشديد – يعاني ، هو وغيره من مستشفيات المجتمع المدني، من ضعف التبرعات و التي أدت إلي إغلاق البعض منها.
المعروف أن مصادر تمويل مستشفيات المجتمع المدني تعتمد فقط في إدارتها علي التبرعات و الهبات و المنح ،لذا لابد من تغيير الفكر في طريقه التعامل معها ،إما من قبل الدولة، أومن قبل المواطنين ، أو من قبل القائمين على هذه المستشفيات نفسها.
وحتى تستمر هذه التبرعات والهبات، فإن هناك أدوارًا، أو مسئوليات ،يجب أن يضطلع بها المجتمع كله ومعه الدولة.
أولا الدور الديني، بما له من قوة وتأثير، فلابد من الحث ،بشكل مكثف، علي أن الاستثمار في البشر أمر مهم، و يعد صدقة جارية، و أن التكافل الاجتماعي أمر ضروري، غير مردوده الديني و الروحي، فمن الوارد أن تحتاج، عزيزي القارئ، لهذه المستشفيات في يوم من الأيام، وأن انقطاع الدعم عنها سيؤدي إلى توقفها، أو على الأقل عدم قدرتها على القيام بدورها على الوجه الأكمل ، هذه المستشفيات قائمة على فكرة التكافل،وغياب التكافل يعني ضربها في مقتل ، مما يؤثر بالسلب على المجتمع، خاصة الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل ، والتي ليس في مقدورها تحمل تكاليف العلاج في المستشفيات الخاصة والاستثمارية.
أيضًا هناك دور للدولة يجب أن تلعبه، بما أن هذه المستشفيات تحمل الكثير من العبء عن كاهل الكيان الصحي في مصر ، فلابد أن تدعمها الدولة، و لوبالقليل ،كأن تدعمها مثلًا بالكهرباء و الماء ، فهي كما قلنا مستشفيات ليست هادفة للربح، فلا يجب معاملتها معاملة المستشفيات الاستثمارية و التي تهدف الي الربح ،مع الأخذ في الاعتبار أن إغلاق هذه المنشآت سيكلف الدولة الكثير و سيحمل قطاعها الصحي الكثير من الأعباء،التي ستؤدي إليها تكاليف علاج الحالات الكثيرة التي تتكفل بها مستشفيات المجتمع المدني.
علينا أن ندرك جيدا أن مستشفيات المجتمع المدني تحتل الصدارة في علاج الحروق، و السرطان، وأمراض القلب، و أغلب بروتوكولات العلاج لهذه الأمراض مكلف جدًا ، وبالتالي ، وفي حالة توقف دعم هذه المستشفيات، فسوف ينتقل العبء إلى القطاع الصحي الحكومي.
لدينا ، على سبيل المثال، وزارة للتعاون الدولي، يمكنها أن تلعب دورا في الوساطة لجلب منح لمستشفيات المجتمع المدني المتعثرة، و خصوصًا التي أثبتت جدارة،وأصبحت محل ثقة المواطنين.
وإذا كان الشئ بالشئ يذكر، فإن هناك دورا يجب أن تلعبه مستشفيات المجتمع المدني هي الأخرى، فالإدارات الداخليه لهذه المستشفيات لابد أن تعيد النظر في طريقة إدارتها، عليها ترشيد الانفاق في الكثير من الأمور، أولها المباني الفارهة، نحن لانحتاج من هذه المستشفيات خدمات فندقية، ويمكن إقامة مستشفيات تقدم خدمة متميزة، من خلال مبني بسيط التكاليف،وليس قصورا فارهة كما نلاحظ في بناء بعض المستشفيات.
أيضًا الإعلانات الممولة، التي تنهال علينا ، خاصة في شهر رمضان الكريم ،و التي تستنزف الكثيرمن الأموال، و تعطي انطباعا للمواطنين بمدي غني هذه المستشفيات، وربما تجعل بعض الناس يعزفون عن التبرع لها، فبدلا من هذه الإعلانات التي تتكلف الملايين،يمكننا ، وبشكل بسيط ، عمل ماراثونات خيرية بالتعاون مع وزارات الشباب و الرياضة، و الثقافة، و السياحة، و يذهب ريعها لهذه المستشفيات، وكذلك عمل معارض منتجة للمرضي لتقديم الدعم اللازم حتى تستمر هذه المنظومة المهمة.
و أخيرا تحويل جانب صغير من هذه المستشفيات إلى استثماري يدعم الجزء الخيري بها ،فكما ذكرنا تتميز هذه المستشفيات بتقدمها الشديد في الخدمة الطبية و الامكانيات المتوافرة لديها، مما يجعلها تتفوق علي القطاع الحكومي و أيضاعلى بعض المستشفيات الاستثمارية، بجانب سمعتها العالمية، مما يجعل الكثيرين يقبلون علي العلاج بها لضمان جودة الخدمة و أيضًا لدعمها.
الأفكار كثيرة، وعلينا فقط أن نبدأ قبل أن تنهار هذه المستشفيات تماما، ونفقد صروحا طبية لايمكن تعويضها.. انقذوا مستشفيات المجتمع المدني وقدموا لها كل ماتستطيعون من دعم.. وثقوا أن دعمكم لها هو أفضل عمل إنساني وخيري يمكن القيام به.