جرس انذار


خلال السنوات الماضية تحدث كتيرون عن السجون والأوضاع داخلها فهناك من تحدث على ان السجون أصبحت مأوى لكثيرين من الجماعات الإرهابية يتمتعون فيها بكل سبل وأنواع الاعاشة والراحة نظراً لتأخر صدور الاحكام ضدهم، وهناك من تحدث عن الأوضاع القاسية التي يعاني منها بعض سجناء الرأي، والبعض الاخر تحدث عن بعض تصريحات المسئولين بأن السجون أصبحت فنادق خمس نجوم ينقصها حمام سباحه فقط ويوجد بها نظام الاوبن بوفيه ويتقاضى المساجين العاملين فيها مبالغ مالية تصل لستة الاف جنية و آخرون تحدثوا عن المراجعات التي تمت داخل السجون الفترة الأخيرة ومدى جدواها.

في اعتقادي أن هناك أمر أخر هام يجب التوقف عنده والحديث عنه لمحاولة إنقاذ ما يمكن انقاذه ألا وهو " الاستقطاب الفكري داخل السجون" وهو أمر ليس بجديد فقد ظهرت بوادره منذ حوالي منتصف القرن الماضي ومستمر حتى الان ليس في مصر وحدها بل في معظم دول العالم وهو ظاهره خطيرة يجب ان نضع لها حلول سريعة حتى لا نساهم بأيدينا في صناعة متطرفين يستهدفون الوطن بمجرد أن تسمح لهم الفرصة بذلك. يجب أن لا نترك من اخطأ لسبب ما ودخل السجن ليقضى عقوبة ذنب اقترفه أن يرتكب جرم أكبر وأفظع لم يشارك فيه وحده بل شاركنا نحن معه بتركنا له فريسة سهله في يد متطرف يستغله لتنفيذ مخططات هدامة تنال من الوطن ،والنماذج التي تدلل على ذلك كثيرة منها على سبيل المثال وليس الحصر أن بعض المتهمين في أحداث عمليات إرهابية تمت على أرض سيناء لم يكونوا في الأساس عناصر ناشطة في أي جماعات أو تنظيمات إرهابية بل كانوا سجناء مدنيين شاءت الاقدار ان تم وضعهم داخل اماكن احتجاز تضم بعض المتطرفين والتكفيريين، ونموذج آخر هو الإرهابي محمود شفيق الذى نفذ حادث الكنيسة البطرسيه في عام ٢٠١٦ وتشير المعلومات التي تم نشرها أثناء الحادث أنه حكم عليه بالسجن لمده عامين على خلفية مشاركته في مظاهرات لجماعة الإخوان ثم اختفى عامين بعد خروجه من السجن قبل أن يعاود الظهور كأحد عناصر تنظيم داعش وهو ما يؤكد أنه تم تجنيده داخل السجن .

فبداية الاستقطاب الفكري داخل السجون يبدأ بتقديم المساعدات الإنسانية داخل السجن والمساعدات الاسرية خارج السجن واستغلال الدين في التأثير على المساجين وإقناعهم بالمعتقدات التكفيرية وبأهمية تمهيد الطريق لتأسيس دولة الخلافة على حسب زعمهم وأنه يبغى الا يكون للدولة دستور ولا قانون سوى القرآن الكريم والسنة النبوية مستغلين التفسيرات الغير دقيقة للقرآن الكريم والاحاديث الموضوعة والمختلف عليها لإثبات وجهة نظرهم واقناع الفريسة المستهدف استقطابها بالأفكار المتطرفة، كما يروجون ايضا أنه لا سبيل لإقامة العدل والمساواة بين الناس إلا من خلال القضاء على دولة الظلم وغيرها من الأفكار المسمومة التي تلاقى قبولاً ورواجاً مع مرور الوقت خصوصاً مع المساجين الأكثر فقراً والاقل حظاً في التعليم أو من تم التعرض لهم داخل السجون بأي شكل من الاشكال.

للأسف الشديد فقد أصبحت السجون تربة خصبة تنمو وتتكاثر عليها التنظيمات الإرهابية بشكل منظم ومهيكل فهل سوف نتصدى لها أم سوف نكتفي ببعض الإجراءات الوقائية التي تتم منذ سنوات ولم تكن كافية؟ في اعتقادي انه ينبغي العمل سريعاً على وضع استراتيجية عامة للقضاء على حضانات الفكر المتطرف داخل السجون بداية من إعادة النظر في بعض المظالم الموجودة داخل السجون وتطبيق روح القانون والاهتمام بوجود خطاب مضاد للخطاب التكفيري مروراً بعمليات التصنيف للمساجين والفصل بين المسجون السياسي والجنائي والتكفيري وانتهاءاً بالمراجعات الفكرية وإعداد برامج لإعادة تأهيل السجناء سواء داخل السجون أو بعد خروجهم وإدماجهم في المجتمع مره أخرى ومساعدتهم في توفير مناخ وبيئة تساعدهم على ان يكونوا مواطنين فاعلين في المجتمع.